في ظل التطور المتسارع لعمليات التجسس الرقمي وعدم احترام الخصوصية، أصبح الاختيار العشوائي لتطبيق المراسلة هو أكبر مغامرة غير محسوبة تقوم بها بأموالك، بياناتك، وأسرارك، الجميع يستخدمون التطبيقات الأكثر شهرة، ظناً منهم أنها الأكثر موثوقية، لكن الحقيقة الصادمة يا صديقي هي أن الشهرة لا تعني الأمان، في هذا الدليل الحصري والتحليلي من Details بالعربي، لن نكتفِ بتقديم الترتيب الحقيقي لأكثر تطبيقات المراسلة أماناً في 2025، بل سنبدأ من القاع، كاشفين الأسباب الجوهرية التي جعلت التطبيق الذي تثق به يتذيل القائمة، سنشرح لماذا يجب أن تغير منهجك في المراسلة فوراً، وكيف تبنى استراتيجية "الأمان المزدوج" في حياتك الرقمية.
 |
| تطبيقات المراسلة |
لماذا تطبيقات المراسلة المشهورة في خطر؟
الخطر الأكبر في التطبيقات الشائعة لا يكمن في ضعف التشفير، بل في سياسات الشركات تجاه بياناتك.
أغلب هذه التطبيقات مملوكة لعمالقة رقميين نموذج عملهم الأساسي يعتمد على جمع وتحليل سلوكك وتفاعلاتك، حتى وإن لم يتمكنوا من قراءة محتوى رسائلك المشفرة.
أنا في البداية، كنت أرى أن الحديث عن "البيانات وكيف يمكن استغلالها" مبالغ فيه، كنت أستخدم تليجرام وأشعر بالاطمئنان، لكن عندما فهمت أن الشركة تعرف متى وأين وما هي طبيعة علاقتي بالشخص الآخر حتى دون قراءة المحتوى، اقتنعت تماماً بضرورة البحث عن بديل يرفض جمع هذه البيانات من الأساس.
لماذا الأمان في التطبيقات الشائعة هو مجرد وهم؟
هذا هو السؤال الأهم، الشركات العملاقة تستثمر المليارات في التشفير، فلماذا لا تزال تطبيقاتها غير آمنة بالكامل؟.
المشكلة الرئيسية هي أن التشفير التام (End-to-End Encryption) إما أنه ليس افتراضياً أو أنه مخترق بالبيانات الوصفية (Meta Data، ودعني أخبر بالقليل عن أنواع التشفير:
- التشفير الاختياري: بعض التطبيقات تطلب منك تفعيل التشفير يدوياً لكل محادثة (Secret Chat)، مما يعني أن المحادثات العادية غير محمية.
- التشفير المُقيّد: تطبيقات مثل واتساب تحمي المحتوى لكنها تملك كل البيانات حول السلوك (من، متى، أين). هذه البيانات هي الثغرة الحقيقية.
ما هو تأثير meta data على الخصوصية؟
الضرر الحقيقي يكمن في أن ميتا (الشركة الأم لواتساب وفيسبوك ماسنجر) تربط سجل سلوكك الرقمي (الميتا داتا) بهويتك الحقيقية ورقم هاتفك، وهذا يتيح لها بناء ملف تعريفي كامل عنك، وهو ما يضع خصوصيتك على المحك أمام أي طلب قانوني أو استهداف إعلاني.
ما هو ترتيب تطبيقات المحادثة من حيث الأمان؟
سنقدم هنا الترتيب الكامل والمنطقي لأكثر تطبيقات المراسلة أماناً، بدءاً من التطبيق الذي يجب أن تتوقف عن استخدامه في الأمور الحساسة:
المركز السادس: Telegram (تليجرام)
الاعتقاد السائد بأن تليجرام هو ملاذ الأمان خاطئ، فهو يتذيل القائمة لأن التشفير التام من طرف لآخر ليس افتراضياً، ومحادثاتك العادية غير مشفرة، ويمكن قراءة محتواها نظرياً من خوادم الشركة.
ولكي تكون آمناً، يجب أن تختار خاصية "Secret Chat" يدوياً لكل محادثة، وهو إجراء لا يتذكره أو يفعله معظم المستخدمين.
المركز الخامس: فيسبوك ماسنجر iMessage وجوجل ماسنجر
هذا المركز يضم تطبيقات متراجعة في الأمان لسببين:
ماسنجر: محادثاتك ليست مشفرة بشكل افتراضي، مما يجعلها عرضة للطلب القانوني من أي جهة لا تعلمها.
جوجل وآي Message: رغم تشفيرها أثناء الإرسال، إلا أن الشركتين تحتفظان بنسخ احتياطية من محادثاتك على سيرفراتهما، أي أن لديهما القدرة على الوصول إلى نسخة من بياناتك في حال تطلب الأمر.
المركز الرابع: واتساب ماسنجر
رغم الشهرة والتشفير التام للمحتوى، فإن واتساب يأتي في هذا المركز لأنه مملوك لشركة ميتا التي تقوم بجمع البيانات الوصفية (Meta Data) بشكل مكثف.
ومن ثم تعرف الشركة كل شيء عن سلوكك التواصلي، وهذا الربط بالهوية هو نقطة الضعف الأمنية الأهم.
المركز الثالث: Session (سيشن)
يتقدم Session خطوة كبيرة على واتساب لأنه يركز على إخفاء الهوية الكاملة، كونه لا يطلب منك رقم هاتف أو أي بيانات شخصية للتسجيل.
ويعمل كشبكة لا مركزية، مما يجعل التتبع أمراً شبه مستحيل، ولذلك هو خيار ممتاز لمن يسعون لإخفاء هويتهم بالكامل.
المركز الثاني: Signal
سيجنال هو الفائز الفعلي بين التطبيقات الشائعة، حيث يستخدم تشفيراً تاماً بين الطرفين مفتوح المصدر (Open Source).
وهذا يعني أن الكود خاضع لمراجعة آلاف الخبراء، مما يضمن عدم وجود أبواب خلفية، والأهم، هو أنه لا يجمع بيانات وصفية تذكر عنك.
المركز الأول: لا يوجد أمان كامل على الإنترنت
هذا المركز مخصص للتطبيقات المتخصصة التي تتجاوز مفهوم المراسلة، وتعتمد على شبكات لا مركزية معقدة، لكن بين التطبيقات المتاحة لعامة الجمهور، Signal هو الأقرب إلى الأمان المطلق والمجاني.
8 ميزات أمنية حاسمة عند استخدم برنامج مراسلة
عند اختيار تطبيق مراسلة، يجب أن تتجاوز مجرد فحص "التشفير" والبحث عن هذه الميزات التي توفرها التطبيقات المتقدمة مثل Signal:
- الرسائل ذاتية التدمير: لضمان حذف المحادثات تلقائياً بعد قراءتها.
- الحماية من لقطات الشاشة: لمنع المستخدم الآخر من التقاط صورة لمحتوى الشاشة.
- قفل الشاشة بالتطبيق: قفل إضافي داخل التطبيق نفسه بالبصمة أو رمز المرور.
- إخفاء عنوان IP للمكالمات: لمنع تتبع موقعك الجغرافي أثناء المكالمات الصوتية والمرئية.
- التشفير المفتوح المصدر: لضمان شفافية الكود البرمجي أمام المطورين.
- إخفاء إشعارات المحتوى: لإخفاء محتوى الرسائل في شاشة القفل.
- الاحتفاظ بنسخ احتياطية مشفرة محلياً: بدلاً من تخزينها على سيرفرات الشركات (Cloud).
- عدم ربط الحساب بهوية رسمية: لتقليل البيانات التي يمكن تقديمها للسلطات عند الطلب.
استراتيجية الأمان المزدوج
الآن وبعد أن عرفت الترتيب الصادم، أصبح أمامك خياران: إما أن تستمر في استخدام التطبيقات التي تضع خصوصيتك في خطر، أو أن تعتمد استراتيجية "الأمان المزدوج" وهي كالتالي:
- البيانات الحساسة: استخدم Signal أو Session لجميع محادثات العمل، المال، أو الأسرار الشخصية.
- التواصل الاجتماعي: احتفظ بـ WhatsApp للمحادثات اليومية الروتينية والمجموعات العائلية، مع تجنب تبادل أي معلومات حساسة عليه.
- وفي كل الأحوال لا تشارك معلومات أو كلمات سر محافظك الإلكترونية مثل محفظة فودافون كاش الرقمية أو غيرها ولا تشارك معلومات حساباتك البنكية في أي تطبيق مراسلة.
ولا تجعل الشهرة تخدعك، لأن الخصوصية هي مسؤوليتك، ابدأ اليوم بتغيير عاداتك الرقمية وامنح بياناتك درع الأمان الذي تستحقه، ولا تنسى أنا تخبرنا في التعليقات عن التطبيق الذي تستخدمه.